حين تتخطّى العلاقة العاطفية حدود المحظور هل من طريق للعودة؟

ألا تزال/ين أعزب/عزبة؟ هل قلبكِ الغارق في الوحدة متعطّش إلى التجديد؟ هل عقدتِ العزم على الإقلاع عن المشاريع المستقبليّة المشكوك في أمرها مع رجالٍ/نساء متزوّجين/ات، أو منفصلين/ات حديثاً، أو مراهقين/ات سرمديّين/ات يشتمّون عن بعد كيلومتريْن فخّ خاتم الزواج في حين تكون الفكرة لم تراودكِ حتّى (على الأقلّ، ليس بهم!)؟ هل تطمح/ين إلى ما هو جديد ومغرٍ وحقيقي؟!

حذارِ، فبعض الرغبات يجب التعامل معها بوقاية وحذر خصوصاً في مجتمعٍ “مكبوت وخبيث” كالذي نعيش فيه… إليك مجرّد توضيح قبل أن تنطلق/ي في خوض غمار الأخطار والمجازفات…

لحظة جنسيّة سحريّة!

نسرين (23 عاماً) هي أوّل من تجرّأ على الإفصاح لنا عن مكنونات قلبها: “كنتُ بدأت فترة التدرّج في مصرف، وهو كان سيُنهي فترته في نهاية الأسبوع. لفتني منذ اليوم الأوّل. كانت ابتسامته النجوميّة توقظ فيّ الأحلام سرّاً. وحضوره دوماً بالبذلة وربطة العُنُق كان يُثير جنوني! يوم رحيله، أقسم أنّني بقيت في المكتب من دون أيّ أفكار مُسبقة لاستكمال أحد الملفّات. وعندما دخل عليّ خلسةً وقبّلني في مؤخّر عُنُقي… كان من المستحيل أن أقاوم. استسلمت من دون أن أكافح حتّى. كانت الرغبة تتملّكني إلى أقصى الدرجات. أجلسني على طاولة المكتب ورفع تنّورتي”… تصمت نسرين مغمضةً العينين كما لو أنّها تتذوّق لذّة اللّحظة مجدّداً تاركةً إيّانا نتخيّل الباقي… ثمّ تُضيف “قبل أن يرحل، أمعن في تقبيلي… قبل أن يهمس لي أنّ ما حصل لا يُنتسى أبداً. وفي اليوم التالي، وصلني بريد إلكتروني يشكرني فيه تاركاً لي رقم هاتفه. لم أجب على البريد يوماً، فالذهاب إلى حدّ أبعد كان سيُفسد هذه اللّحظة السحريّة. كانت هذه بالتأكيد أوّل تجربة مهنيّة عشتها وأروعها!”.

مغامرة مكتبيّة عاطفيّة

كيف السّبيل للذهاب إلى المكتب بفرحٍ وابتهاج؟ كالمراهقة التي تتردّد في كلّ صباح إلى المدرسة لرؤية صديقها أو صديقتها: الحلّ هو الوقوع في الحبّ! ففي الواقع، بحسب آخر الإحصائيّات، يزداد عدد الموظّفين الذين يستيقظون بنشاط كلّ صباح بفضل حياتهم العاطفيّة. فبحسب آخر استقصاء على الانترنت، تُسجّل علاقات الحبّ في مكاتب العمل ارتفاعاً مُضّطرداً. فعلى الأقلّ 32% من النساء و33% من الرجال يعترفون بأنّهم عاشوا مغازلة أو قصّة حبّ عابرة مع زميلٍ أو زميلة في العمل. عندما يمضي المرء أكثر من 8 ساعات متتالية أيْ معظم الوقت في المكتب، تُخلق روابط وتُولد انجذابات. وهكذا، فإنّ 61% من النساء يعترفنَ بالافتتان بأحد زملائهنّ، وهي حال 57% من الرجال.

الأكثر: لا شيء يُضاهي ما يُحدثه هذا الوضع من مفعولٍ لإزالة الهمّ والغمّ الذي تحمله أيّام العمل، وتحدّي المحظورات وتجاوز المخاوف وتحفيز الحماسة وصعود الأدرينالين. تلك المغامرة “المكتبيّة العاطفيّة – الإباحيّة” تمكّن بخاصّة من التصالح حتّى مع… ساعات العمل الإضافيّة! ففي الواقع، لا يُخفى على أحد أنّ الأزواج يتشكّلون بغالبيّتهم العظمى في أماكن عملهم، وهي الأرض الأخصب للعازبين لمطاردةٍ مُثلى من أجل إيجاد النصف الآخر.

الأقلّ: بينما كنتِ تخالين نفسكِ وحدكِ في هذا العالم، تُفاجئكِ “جيزيل” التي نسيت مظلّتها بالجرم المشهود. شعركِ مشعّث، وبشرتكِ شاحبة ووضعيّتكِ مُربكة. مستحيل أن تُنقذي كرامتكِ. ناهيكِ عن أنّ جيزيل هي ملكة الثرثرة وكلّ زملائكِ (بمن فيه مديركِ) سيعلمون بـ “مغامرتكِ الجنسيّة” مع السّيد الوسيم. وبالإضافة إلى المجازفة بفقدان وظيفتكِ، فإنّ سمعتكِ أصبحت على المحكّ، وما من خطّ رجعة. نصف ساعة من ممارسة الحبّ (هذا إذا ما استغرق الأمر كلّ هذا الوقت) ثمنها عارٌ يوميّ أزليّ ومن شبه المستحيل تحمّله، فهل يستحقّ الأمر العناء؟!

نصيحتنا: المسألة لا تستحقّ العناء. فهي مجازفة مهنيّة لا تُحمد عقباها إلاّ إذا تمّ ذلك ضمن إطار عقدٍ ذي مدّة محدودة أو في نهاية فترة التدرّج، كما في حالة نسرين… إذاً، إذا الهوس بالزميل ما يزال يطاردكم بالرغم من كلّ شيء، اختاروا عندئذ نقل مكتبكم إلى بيتكم…

العلاج يخرج عن نصابه

“بعد انفصالٍ عاطفيّ، تقول غادة (33 عاماً)، عانيتُ من انهيارٍ عصبيّ خطير، ولم يعد شيء يعني لي. كنت مستعدّة للتخلّي عن كلّ شيء. نجح محيطي في إقناعي باستشارة طبيبٍ اختصاصيّ وصف لي مضادّات للاكتئاب وجلسات علاج نفسيّ إلى أن يستقرّ مزاجي. وسرعان ما بدأت أشعر بمفعول العقاقير الإيجابيّ وعادت لي الرغبة في الحياة. فبدأت بعلاجٍ وجهاً لوجه مع معالجي لتفادي أيّ انتكاسة. ونظراً إلى ساعات عملي الطويلة، كنت آخذ مواعيد في ساعاتٍ متأخّرة. وبعد شهرين من العلاج المُنتظم، عرض عليّ المعالج بطبيعة الحال متابعة الجلسات في مقهى فندق في بيروت. فالعيادة حيث كان يعاين مرضاه لم تعد تسمح له، على حدّ قوله، باستقبالهم بعد مغادرة سكرتيرته عند السّاعة الثامنة مساءً. أعربت له عن امتناني العميق وكانت لي ثقة عمياء به. وقبلت عرضه بكلّ طيبة خاطر. لا أدري متى خرجت الأمور عن نصابها، وحلّ كأس النبيذ محلّ فنجان القهوة، ثمّ غرفة الفندق محلّ مقهاه… كنت أسترسل غارقةً تماماً في جاذبيّته السّاحرة وشخصيّته. بعدها، أصبح يطيل المدّة بين اللّقاء والآخر، وأنا في قمّة التشوّش الذهنيّ، حتّى اليوم الذي أعلن لي فيه أنّ جلسات العلاج شارفت على نهايتها، وأصبح في إمكاني الاتّكال على نفسي. كنتُ مدمّرة وغرقت في قعر الأسى. مرّت أربعة أعوام وأنا أخضع لتحليلٍ نفسي مع محلّلة نفسيّة ولم تلتئم جراحي بعد…”.

عشقٌ على الكنبة

تتمدّدين على كنبته مرّة إلى مرّتين في الأسبوع. ويبدو مصغياً إليكِ بدقّة. فتطلقين العنان لأفكاركِ وسرعان ما تحوّلكِ وضعيّتكِ وفهمه السّريع لقصّتكِ وكلماته المقتضبة الصائبة من مريضة إلى عاشقة. ولكن في الواقع، نقع في حبّ الفكرة التي نكوّنها عن معالجنا النفسيّ وليس الرجل أو المرأة المجهوليْن تماماً بالنسبة إلينا! ذلك أنّ المعالج النفسي يتّسم بالحياد الكليّ، لكي يتمكّن مريضه من إلقاء الأدوار التي يريدها عليه.

الأكثر: عندما يقع المريض في الحبّ، يعشق الدور الذي يدفع معالجَه إلى لعبه وليس شخص معالجه بحدّ ذاته. تقريباً كالشباب الذين يغرمون بنجوم السينما أو بأغنيةٍ ما، بدون معرفة الهويّة الكامنة وراء ذلك. وحالة التحوّل المنطوية على هذا الأمر تصبح إذاً ضرورية لتطوّر العلاج. فبطبيعة الحال، يُمكن للمريض جرّاء هذا التحوّل، أن يُصبح معتمداً على معالجه بالضبط كاعتماده على أهله وغيرهم. يُصبح المعالج النفسيّ هو “الآخر” (الأمّ، الأبّ، الأخ أو الجدّ)، ممّا يسمح بعيش حالات الشغف مجدّداً، وفهم سوء التفاهم وفكّ عُقد القصص الدراميّة والتعافي في نهاية المطاف. في بداية العلاج، من الشائع الوقوع في حبّ المعالج النفسيّ (أو المعالجة النفسيّة)، غير أنّ هذا الشعور يتضاءل كلّما تفكّك هذا التحوّل.

الأقلّ: المعالج النفسيّ ليس صديقاً ولا فرداً من الأهل، ولا عشيقاً طبعاً (ولذلك يُدفع له). يعود إذاً للمعالج أن يُعيد الاستقرار للمريض ويُحافظ على العلاج. والمعالج الذي يخوض لعبة الإغراء ويبدأ علاقة مع مريضه، كما هي الحال بالنسبة إلى غادة، يكون قد خرج ليس فقط من إطار العلاج، إنّما تخطّى حدود الأخلاقيّات وقد يسيء فعلاً إلى مرضاه.

نصيحتنا: يجب عدم الخلط بين المعالج النفسيّ والعشيق (العشيقة) المحتمل (المحتملة). لا يجدر بالمعالج الانضمام إلى المريض على الكنبة. لا تنسوا أنّكم لستم الزبائن الوحيدين الذين تراودهم هذه الأفكار الخياليّة، وأنّ التحدّث إلى المعالج يمكّنه من تحليل تحوّلكم. إذا ما شعرتم بأنّه يميل إلى مجاراتكم في هذه الأفكار، استبدلوه بأقصى سرعة!

السادو – ماسوشية خلف الستار

“لا تزال هذه الفتاة تسكن بعض كوابيسي”، يقول سمير (37 عاماً) مُضيفاً: “هي قاضية، وجميلة وأنيقة. التقيت بها بعد مراسلة قصيرة على موقع “فيس بوك”. تواعدنا في سكايبار، وكانت أكثر جاذبيّةً حتّى من صورتها وأكثر إثارةً للاهتمام ممّا كانت تدّعي… أوّلاً الجاكبوت… احتسينا بعدها بضع كؤوس شامبانيا، ثمّ عرضتُ عليها أن أرافقها في طريق العودة. قبلَت ودعتني لتناول كأس في منزلها. الوضع جدّ مؤاتٍ. هي تعيش وحدها، وهو أمر نادر بالنسبة إلى شابّة لبنانيّة، الأمر الذي أثار حماستي بدلاً من أن يزرع فيّ الشكّ. قبّلنا بعضنا على السلالم، وفتحت باب شقّتها ودخلت إلى الحمّام ثمّ خرجت مطفئةً جميع الأضواء. رواية كلاسيكيّة بامتياز. بدأنا نتطارح الغرام وهنا بدأتُ أشعر بأنّ الأمور تخرج عن السيطرة. أضاءت قنديل السرير فلحظت بريقاً غريباً في عينيها. لم يُساورني القلق، ولشدّة غروري، أقنعت نفسي بأنّ ذلك عائد لكوني أثيرها إلى أقصى الدرجات. وعندها همست في أذني جملةً تركتني مسمّراً: “اضربني. أنا فتاة شرّيرة ولا أستحقّ سوى الضرب!”. في تلك اللّحظة، أعترف بأنّني أُصبتُ بالهلع. لا ضير في صفعة على الرّدف من وقتٍ لآخر. أنا أجيد ذلك. ولكنّني شعرت ذلك المساء أنّ هذا لن يكفيها. استدرنا، فأصبحت فوقي وأمسكت بيدي لتضرب بها وجهها. سحبت يدي وأنا في قمّة الإرباك. فغرست أظفارها في صدري وصرخت طالبةً أن ألكمها. لوهلةٍ، انقبضت راحة يدي وخلتُني فعلاً سأضربها. لحسن الحظّ، استدركت الأمر ودفعتها بعيداً بشدّة. فوقعت على السّرير واستدارت نحوي قائلة بنظرة ممسوسة: “هيّا تابع، أوجعني!”. إنّه لكابوس. يومها كسرت الرقم القياسي العالميّ في سرعة ارتداء الملابس بعد ممارسة الحبّ ونزلت على السلالم بسرعة البرق. ومذّاك، أعترف بأنّني آخذ حذري من الجميلات المجهولات على “فيس بوك”.

ليلة مُلتهبة… فزواج!

أمّا يارا، وعمرها 31 عاماً، فقد عرفت كيف تكون أكثر حذراً: “منذ 4 أعوام أتصفّح بانتظام مواقع اللّقاءات على الانترنت… كنت عزبة مدّة 3 سنوات، فقلت لنفسي إنّ الانترنت ربّما يكون سبيلاً للتخلّص من وحدتي… بطبيعة الحال، التواصل مع الناس يدفعنا إلى القبول بمواعدتهم… وهو في الواقع الهدف المنشود بعد بضعة أشهر من الدردشات عبر الشاشات ومفاتيح الحواسيب! وبما أنّني لستُ عديمة المسؤوليّة بالكامل، كنتُ قد تدبّرت حيلةً مع صديقةٍ لي… لنَقُل إنّ الموعد عند السّاعة الثامنة: كانت صديقتي تتّصل بي عند العاشرة للتأكّد من أنّني لست عالقة مع شخصٍ مضّطرب عقليّاً أو منحرف! أوّل اللّقاءات التي قمت بها عبر الانترنت كانت مجرّد ترّهات! كاللّقاء مع هشام مثلاً، الذي بعد مجرّد مرور 15 دقيقةً كان قد خطّط للزواج وإنجاب العديد من الأطفال… عندما اتّصلت صديقتي، قلتُ له إنّ أمّي تشعر بوعكةٍ صحيّة وعليّ المغادرة… فقال لي: ماذا؟ الآن؟ عائلتي برمّتها بانتظارنا في المنزل للعشاء”! بعدها، تعرّفت بعض الأشخاص الذين لا يزالون أصدقاء أعزّاء لي… لا شيء سوى ذلك! إلى أن التقيت بـ جميل منذ 9 أشهر عبر الانترنت… لم أكن أنتظر شيئاً من هذه اللّقاءات، أردت فقط تمضية وقت ممتع. كانت اللّيلة الأولى مُلتهبة، ولم نفترق منذ ذلك الحين! في الواقع نخطّط للزواج. وأخيراً، أعتقد أنّ الانترنيت هو أداة اجتماعيّة مُذهلة، ولكن يجب أخذ الحيطة والحذر معه. من المهمّ عدم التورّط بسرعة ليتسنّى لنا اكتشاف الشخص الذي نتعاطى معه”.

المتربّص على شبكة الانترنيت  

ليست الشبكة سوى وسيلة إضافيّة للتلاقي. حسناً… يبدو أكبر في السنّ ممّا توحي به صورته، ولكن أنتِ أيضاً أصغر بقليل وأقلّ نحافة بقليل ممّا كنتِ تدّعين… سيبقى الانترنت دوماً وسيلة خادعة، بمعنى أنّه يسهل كثيراً تقمّص شخصيّة ما والتلاعب بالآخرين… لا يمكننا أبداً معرفة مع من نتعامل وقد تعلّم سمير ذلك على حسابه. بالطبع، يمكن لهذا أن يقود إلى لقاءات جميلة جدّاً وقصص حبّ رائعة كما هو الحال بالنسبة إلى يارا التي وجدت الشخص المناسب… ولكن ألا يلعب القدر لعبته أحياناً؟

الأكثر: يجمعكما هدف مشترك: المواعدة. وهي قد تنتهي مباشرةً بعد القهوة أو تستمرّ من دون أيّ عواقب. ولكن انتبها في جميع الأحوال: “اخرجا آخذين الحيطة والحذر”.

الأقلّ: قد لا يجمعكما رابط مشترك بعدها… هناك وسيلة واحدة: يجب ألاّ يذهب الواحد إلى بيت الآخر في أوّل مرّة… ولا تنسيا الجملة الشهيرة “لا تفعلاها أبداً في المساء الأوّل”، فهي قد تكون جدّ مفيدة لكما…

نصيحتنا: لم لا… ففي النهاية، من لا يخاطر بشيء لا يملك شيئاً… ولكن احذرا جيّداً قبل الغرق في القعر، وليكن لديكما دوماً خطة إنقاذ. وقد يصبح “هو” أو “هي” رفيق/ رفيقة لديه/ لديها صديق/ صديقة تقوم بـ…

التجربة الفخّ

تُسر إلينا نبيهة (43 عاماً)، وهي تعضّ بتوتّر على شفتها السّفلى من شدّة الندم والشعور بالذنب: “أمضيت للتوّ عطلة نهاية أسبوع مذهلة. تطلّقت منذ 4 سنوات، وأجيد فعلاً التعايش مع عزوبيّتي. أنا في بحثٍ مستمرّ عن نصفي الآخر، وحاليّاً أترك الدور للقدر. إلاّ أنّ هذا اللّقاء الأخير لم يكن أبداً ثمرة القدر… فعندما عرّفتني إحدى أعزّ صديقاتي، وهي مطلّقة تماماً مثلي، إلى صديقها الجديد، بالكاد اهتممت له، فقد كان المحرّم الذي تفرضه صداقتنا يفعل فعله ذلك اليوم. وبعد بضعة أسابيع، خلال عطلة نهاية أسبوع دامت ثلاثة أيّام، كانت صديقتي مسافرة، فصعدت للتزلّج مع الأولاد، وهو أيضاً قام بالمثل، وكانت صدفة غير متوقّعة أبداً. لمسة واحدة كانت كافية لتلقي بسحرها علينا وتجعل كلّ شيء يبدو طبيعيّاً وبسيطاً. أمرٌ واحد كان أكيداً بالنسبة إلينا نحن الاثنين، عدم التعلّق ببعضنا البعض… أمضينا ليلتيْن مجنونتيْن مخبّأين من عيون الجميع، نلعب لعبة الهرّ والفأر والألعاب الممنوعة. انفصلنا في نهاية العطلة. كنت أضع نظّارات شمسيّة كبيرة لأخفي الاضطراب البادي عليّ، ولم نتبادل الوعود ولا أرقام الهاتف. أردنا فقط أن نتذوّق حلاوة اللّحظة. انجذاب مطلق وافتتان خارج عن السيطرة. رجل لم يعنِ لي شيئاً من أوّل نظرة. والآن، لست على ما يرام، يتآكلني الندم في كلّ مرّة أسكر فيها من ذكريات تلك اللّحظات السحرية. لا أعرف ما العمل، هل أخاطر بصداقتنا؟ هل أكبت انفعالاتي؟ أم أعترف بضعفي؟ أم أنساه بكلّ بساطة… ولكن كيف أراه مجدّداً برفقة صديقتي من دون أن أبدي أيّ ردّة فعل… دخولي في هذه التجربة أوقعني في فخّ لا أتمنّاه لأحد”.

صداقة في خطر

من شدّة ما كرّر/كررت لكِ أنّه/أنها وجد/وجدت الجوهرة النادرة، رغبتكِ الكامنة في تفحّص هذه الجوهرة تؤمن سرّاً بكِ… حتّى اليوم الذي تخرج فيه الأمور عن سيطرتكِ… إلاّ أنّكِ تتمسّكين بعلاقة الصداقة التي تربطكما منذ الأزل أكثر من تلك الرعشة التي تملّكتكِ للحظات خلت…

الأكثر: لا شيء تقريباً سوى ربّما الاستفادة من لحظة انجراف سحريّة زائلة مع التضحية بصداقة مدى الحياة. إذا كان كسر المحرّمات يقلب أحاسيسنا رأساً على عقب ويملؤنا رغبةً، فإنّ الافتتان لا يدوم سوى لحظة الخطيئة…

الأقلّ: شعور بالذنب يتآكل المرء، وخطر فقدان صديق/ صديقة عزيز/ عزيزة لمجرّد مغامرة عابرة هي إذا ما دامت بعد تخطّي المحظور، لن تقوى على الندم القاتل.

نصيحتنا: خطر على جميع المستويات، والكثير من العواقب الوخيمة على المدى البعيد. لا شيء يضمن كذلك أنّكم ستمضون لحظات إباحيّة استثنائيّة كتلك التي قضتها نبيهة…

مغامرة عابرة

ساري (28 عاماً) يقول لنا: “أعيش في دبي منذ وقتٍ قصير، وأنا في سعي دائم إلى نسج علاقات صداقة جديدة عندما يتسنّى لي ذلك. أقطن في مبنى كبير مؤلّف من 40 طابقاً على طريق الشيخ زايد وأحاول دوماً التحدّث إلى جيراني عندما ألتقي بهم في المصعد. وبهذه الطريقة تعرّفت إلى ريتا، وهي أيضاً لبنانيّة وجارتي. اتّفقنا على تعميق التعارف بين بعضنا البعض وتوقّف ذلك عند هذا الحدّ. وبعد أسبوعيْن، لاحظت في إحدى الأمسيات فتاة سمراء ناعمة لا تنفكّ ترمقني بنظراتٍ عابرة. والمفاجأة الكبرى أنّها كانت ريتا جارتي. بينما كانت الأمسية تشارف على نهايتها، اقترحتُ عليها أن تتشاطر معي سيارة الأجرة. فرُحنا نمزح بشأن البيبة الشهيرة في السيارة! وها هي تنحني صوبي… وتنفّذ. حينها كانت عينا السائق مسمّرتين في الطريق بازدراء. كنتُ مفتوناً وفي الواقت عينه مرعوباً، ففي دبي، هذا النوع من السّلوك قد يودي بنا إلى السّجن… لن أنسى هذا اليوم طالما أنا حيّ. لن أنساها هي ولا نظرة السّائق في المرآة الارتدادية. غير أنّ مغامرتنا لم تدم سوى وقت قصير، ورؤيتها في المسطحة مرّة كلّ يومين لم تعد محبّذة بالنسبة إليّ”.

بين الجيران

أيّ أمر أسهل من نسج الروابط مع المحيط. يستفيد المرء من قرب المسافة والنقاط المشتركة التي تجمعه بشخص آخر. ويجد دوماً عذراً جيّداً لطرق باب الجار في أيّ ساعة كان لاستعارة شيء أو طلب المساعدة. في المقابل، عندما يكلّ من علاقة ظرفية ويدرك أنّه لا يتّفق معه سوى حول الإقامة في المبنى نفسه… يتصاعد التوتّر…

الأكثر: طريق ذهاب الواحد إلى الآخر هي عمليّة جداً. وهو/ هي في متناول اليد.

الأقلّ: لم يعد بإمكانكم الخروج بدون مصادفته/ مصادفتها. تشعرون بالانزعاج في كلّ مرّة تدعون فيها عشيقاً/ عشيقة جديداً/ جديدة لتذوّق نعومة أغطية سريركم. أو تكونون قد أغرمتم به/ بها وتتسارع دقات قلبكم كلّما سمعتم خطاه/ خطاها.

نصيحتنا: فكّروا بدايةً بخطر شعوركم بالاختناق. إذا ما أصبح الجوّ جدّ مزعج، مَن مِنَ الاثنين يكون مستعدّاً للانتقال للعيش في مكانٍ آخر؟

في النهاية،

ضعوا لأنفسكم حدوداً مسبقاً؛ حدّدوا نطاق المحظورات الخاص بكم، وحاولوا التمسّك به. في حال العكس، توشكون على التواجد في ظروف مزعجة لا بل غير محتملة. فالمفاجأة والأمور غير المتوقّعة والباغتة تشكّل مصدر حماسة وإثارة لامتناهيتيْن، شرط معرفة من أين يبدأ ذلك وإلى أي حدّ أنتم مستعدّون للوصول…


للمزيد من المواضيع و النصائح

[ytp_playlist source=”PLh0nSjACpYj0wGGZ_F3brbmpjc7bGD1Oe”]