حياة جنسيّة صاخبة اثناء الصيف… مُسبّباتها: نشوة العطلة أم حرارة الصيف
“بحر، جنس، شمس،…” إنّها مطلع أغنية لـ” سيرج غينسبورغ”، رُدّدت كثيراً في أواخر السبعينيّات، وعكست حقبة من التحرّر الجنسيّ مُركّزة على نزعة المتعة. هل لا زالت هذه الحقبة قائمة بعد مرور أكثر من ثلاثين عاماً على ظهورها؟ وهل يوجد أسباب فيزيولوجيّة حقيقيّة وراء اشتعال الحواس في فصل الصيف، والتي “تُعزّز” الطاقة الجنسيّة، أم إنّ الأمر بكلّ بساطة هو نتيجة نشوة العطلة بشكلٍ عام؟
الشمس هي كوكب الحياة والنور والشرط الرئيسيّ لإنجاح العطلة، لها تأثير كبير على سلوكنا كما هو حال معظم الكائنات الحيّة على الكرة الأرضيّة. فنحن نعتمد كليّاً على نورها، بما في ذلك عملية تحوّل الطعام وتناغمنا البيولوجيّ. لقد كانت الشمس بالنسبة إلى المصريين القدامى في مصاف الآلهة، ولا تزال حتى بعد مرور آلاف السنين تحتل مركزاً جوهرياً في وجودنا. فمن دون شمس، لا حياة مُمكنة! نحن نعيش إذاً في ظل نظام شمسيّ، ليس فقط بالمعنى الفلكيّ للكلمة، ولكن أيضاً بالمعنى البيوكيمائيّ والنفسيّ
إنّ حلول فصل الصيف يُعتبر حدثاً سنوياً يَحتفل به كلّ فرد منّا، كما أنّ هذه الفترة تتماهى أيضاً مع العُطلة والإسترخاء. وهكذا تجتمع الشروط المناسبة لحياة جنسيّة صاخبة، وأكثر حرية، إن على الصعيد البيولوجيّ أو الاجتماعيّ. فالأمور تأخذ مداها، ويكون نمط الحياة من دون قيود للنساء كما للرجال
“سهرة سمحت لي بالتحرّر”
تقول دانييل (29 عاماً): خلال رحلة شهر العسل إلى المغرب، قدّم لنا الفندق ليلة في الصحراء مع عشاء تقليديّ. وبعد مرور ثلاث ساعات على رحلتنا في سيارةٍ ذات الدفع الرباعيّ، ها نحن نضيع في الكثبان. كان الأمر ساحراً: شموع، سجادة، أوراق ورود منثورة، جميع العناصر كانت موجودة لإثارة طاقتنا الجنسيّة التي كانت في أوجّها بفعل المناخ وجوّ العطلة. في السيارة، كانت يدا رامي تداعبانني بحرية، وما إن أدار المرشد ظهره، حتى ابتكرنا فصولاً جديدة للـ “كاماسوترا”. هذه السهرة سمحت لي بالتحرّر، وهي ستبقى أفضل تجربة لي لأنّها شرعت الباب على كل ما هو مُمكن
إنّ الشمس مُرادفة في الوقت عينه لحرارة الصيف والعرق المُنعش، وهي حرارة لا تسمح فقط بإفرازات سهلة ( تُثير الرغبة)، لكنّها تُضاعف تجاوب الشريكيْن مع الروائح المُثيرة، مِمّا يؤدي إلى جوّ مثاليّ للعشّاق في العطلة. وهكذا نصبح أكثر ميلاً للإنفتاح على الآخرين جسديّاً ونفسيّاً. فتنحلّ عقدة اللسان وتُصبح النقاشات أسهل، والملامسات الجسديّة أكثر عفوية. أمّا الحواس المُبتهجة، فتصبح سريعة التجاوب، مِمّا يجعلنا أكثر إحساساً وتفاعلاً. كما أنّ الغدد المُفرزة للعرق، الموجودة تحت الإبطيْن وحول الأعضاء التناسليّة وحلمات الصدر، تُثير الشريك لاسيّما على مستوى الجهاز الميكعي الأنفي (غدة موجودة تحت الأنف ومرتبطة بالبصلة السيسائية). وتُشكّل الإفرازات بصمة شخصيّة وفريدة لاسيّما على مستوى الشمّ. هذا المركّب الكيميائيّ العذب والغامض في آن، له تأثيرات إكسير الحب الحقيقيّ لِمَن يرتشفه فيُسكره
جوٌ شهوانيّ
حنان (33 عاماً) هي في علاقة منذ سبع سنوات، تروي: “بمناسبة عيد ميلاد الثلاثين لصديق لي، إنتهى بنا المطاف في نادٍ للتعرّي في محلّة المعاملتيْن. كانت ليلة لاهبة من شهر
آب بعد نهارٍ طويلٍ أمضيناه على الشاطئ. كان الجو شهوانيّاً مع وجود راقصات فاتنات. نحن الفتيات ذهبنا إلى هناك على مضض. ففكرة رؤية رجالنا في حالة نشوة أمام راقصات عاريات كانت تُزعجنا. لكنّنا كنّا مسترخيات بما يكفي بفضل دفق النهار المشمس، والكحول، والكسل الذي تركنا أنفسنا نغوص فيه. وأعترف أنه على رغم تفهّمي، استرسلت في اللعبة. فقد أشعلت النار في رفيقي أكثر من أيّ وقت مضى ظنّاً منّي أنّني أنافس تلك الحوريات. أمّا هو، فقد ترك الأمور تجري وكان سعيداً بالإثارة. غادرنا قبل الجميع، ولم يعد بإمكاننا الإنتظار للوصول إلى المنزل. فكانت السيارة ملاذنا في اللعبة الجنسيّة. مذاك الحين، ونحن ننتهز الفرصة في كل فصل صيف، ونمنح أنفسنا سهرة إثارة وتعرٍ لنُجدّد مشاعرنا ونُمتّنها. والنتيجة دائماً مشاعر مُشتعلة
يُعتبر هرمون التستوستيرون من أهمّ هرمونات الرغبة الجنسيّة، ويزيد مُعدّله بفضل مُداعبات أشعة الشمس الناعمة والشبقة. والجدير ذكره أنّ هذا الهرمون، وعلى عكس المعتقدات السابقة، ليس موجوداً فقط عند الرجال، بل أيضاً عند النساء لا سيّما في فصل الصيف الحار، وإن كان بإفرازاتٍ أقّّّّّّّل، إلاّ أنّ المرأة تتأثراً بها أكثر من الرجل
يستفيد مزاجنا تحت أشعة الشمس من الصفاء المحيط بنا، فالهموم والإرتباطات التي نعيشها يوميّاً توضع جانباً في أوقات العطلة لتفسح المجال أمام رغبات الإسترخاء واللّذة. كما أنّ التوتر يختفي وتسقط الحواجز العلائقيّة والإجتماعيّة. ومع ترك العنان لهرموناتنا ورغباتنا، نُصبح مؤهّلين أكثر للقاءٍ مُحتمل أو ليلةٍ “حارّة”. وهكذا يُبرز كلّ واحد منّا وجهه الجميل والساحر أثناء العطلة. ففصل الصيف مُرادف للهو واللقاءات الغراميّة المُشتعلة
إثارةٌ عالية
أما هاني، فيقول: “سأتذكّر دوماً جلسة التدليك التي أجريتها مع شريكتي في صيف 2006 في تايلاند، تحديداً في المقصورة المُخصّصة للعُشّاق. بعد ساعة من الدغدغة، نُترك خمس عشرة دقيقة للراحة في غرفة صغيرة مُعتمة مُعطّرين بزيوتٍ من الرأس حتى أخمص القدميْن. انتهزنا هذا الوقت للقيام بشيءٍ آخر: لعبة شهوانيّة عالية الإثارة. فتلامس جسدانا وإنتهى بنا الأمر بهزّةٍ جُماعيّة متناغمة، إلاّ أنّ القلق من أن يُفتح الباب علينا لم يُفارقنا. إنّه أمرٌ لا يُنتسى
الحب هو مسألة وقت حرّ. فعندما تُقطع الرتابة وتُترك عادات العمل للمكتب، نسمح لأنفسنا بأوقات إسترخاء كافية لإعادة المعنى للشهوانيّة. فإنتعاش الحياة الجنسيّة أثناء أيام العطلة هو تتويج لهذا الإسترخاء المستحق بجدارة. الإنسان اليوم مُستغرق بواجبات العمل وازدحام السير والقدر الكبير من الهموم اليوميّة، ولا يبقى له دقيقة واحدة مُخصّصة لحياته الحميميّة. أيضاً، يجب ألا ننسى أنّ الضغط النفسيّ هو حاجز يعيق الرغبة الجنسيّة. وبمجرّد اختفاء هذا الضغط، نُحرّر طاقتنا الجنسيّة، وبالتالي نُساعدها في الإندفاع على هواها… إنّما حذار الخسائر
ليالي مُلتهبة
كانت الأيام تمرّ بشكلٍ طويل على مدار السنة، وكأنّني غارق في دوامة، يقول بول (36 عاماً). لم يكن لديّ الوقت الكافي خلال السنة لتخصيصه للقاءات عاطفيّة، لأنّني إخترت الإهتمام بحياتي المهنيّة، فقرّرت تمضية العطلة في إيبيزا للإستفادة من الوقت الضائع! وأعترف بأنّني لم أكن مُحبطاً لأنّه منذ السهرة الأولى تعرّفت على امرأة شابة مرِحة ولذيذة ترغب بتمضية وقتٍ جميل. وأترك لكم حرية تخيّل ليالينا المُلتهبة. وبعد عدّة أيام، لحقت بنا إحدى صديقاتها. هذه التجربة الثلاثية الأولى كانت لذيذة وساحرة، ممّا جعلني أتشوّق للمرّة الثانية. ولما إنتهت عطلتي الطويلة، عدت إلى بيروت وكلّي حيوية وطاقة مُتجدّدة. هذا الصيف كان مُفيداً جداً بالنسبة لي وجعلني أتّخذ القرار بأنّ تخصيص جزء من حياتنا للعطلة هو أهمّ من الإستغراق فقط في العمل
التعايش بين الرغبة والإغراء يُصبح صعباً عندما يزجُ بهما وسطاً المُتطلّبات اليوميّة. في مقابل ذلك، أثناء العطلة، نستمتّع بالوقت المُتجدّد ونتحرّر من الضغوطات. هذه الأوقات الثمينة هي مناسبة لإعادة خلق مخيّلة شهوانيّة جديدة إنطلاقاً من إطار العطلة، سواء أكانت على الشاطئ أم في الجبل، وهذا الإطار يُهيّئ بدوره لتخيّلات وملذّات صغيرة في السرير
رغبةٌ غير مسبوقة
بعد فترة حمل صعبة من دون علاقات جنسيّة وفترة ما بعد الولادة، لم يعد الأمر يُطاق، تعترف لينا (35 عاماً). كنا مُتلهفيْن لإستعادة علاقاتنا الجسديّة. لكن مع مولودٍ رضيع لا ينام ليلاً وعيون ناعسة، تعذّر عليّ إعادة تحريك المشاعر بيننا. لم يشأ زوجي أن يضغط عليّ، لكن كنتُ أشعر برغباته. وبمبادرةٍ منّي، حجزت أسبوعاً في فندق في الجبل لتمضية العطلة. فطلبتُ من أمي رعاية طفلي في فترة غيابي، ولم آخذ معي سوى مشدّ من الدنتيل. كم كان الأمر لذيذاً، إذ بعد هذا الحرمان الجنسيّ شعرنا برغبةٍ غير مسبوقة، ولم نخرج من الغرفة طوال الأسبوع، وكنّا كعاشقيْن متحابيْن
أن نشعر بالجمال وأن نكون متصالحين مع أنفسنا هما أفضل وسيلة لتنشيط شهيتنا الجنسيّة. بشرة سمراء بالكاد يُغطيها ثوب السباحة مستلقية على الرمال الدافئة، جسم مفتول العضلات في الماء، وصوت ارتطام الأمواج، كلّها عوامل تُغري الجسد وتُثير المشاعر وتُنبئ بالحب
إكتشاف الجسد
كارين (27 عاماً)، عزباء تكشف لنا عن حصيلة مغامراتها، حتى ولو كانت تافهة: عملتُ بكدّ طوال العام وشعرت بالحاجة للتنفس. لم يكن لدينا، أنا وزميلاتي، إلا رغبة واحدة، وهي قضاء وقت مُمتع! كنّا نخرج عند الساعة الواحدة من بعد الظهر، ولا ننام قبل الساعة الرابعة صباحاً. في إحدى السهرات إلتقيتُ بشابٍ شديد الوسامة. هو إيطالي الجنسيّة يُدعى باولو ويعمل مع القوات الدوليّة. لكنته جميلة، وهو مُحدّث لبق كما تقول أمي! وقعتُ في شباكه إلى أن إكتشفتُ أنّه يُعاشر معظم فتيات المدينة! إلا أنّ ذلك لم يمنعني من الإستفادة وإكتشاف جوانب خفيّة في جسدي. والآن، أحتفظ بذكرياتٍ جميلة عن مغامراتنا المجنونة، ولا أندم على شيء، لاسيّما أنّني لم آخذ هذه العلاقة على محمل الجدّ
صحيح أنّ غالبيّة اللقاءات الصيفيّة تافهة، نرتبط فيها بشكلٍ مؤقّت، إلا أنّ علاقات الحب أثناء العطلة هي محطة مثاليّة لإعادة شحن طاقاتنا وتقدير ذاتنا. كما أنّ الإحصاءات تُبيّن أنّ الشاطئ وغروب الشمس هي المكوّنات المثاليّة لإقامة روابط. أيضاً، تسمح لنا العطلة بعيش كل يوم بيومه، وأحياناً عندما لا نتوقّع إلا القليل، نقع على اللؤلؤة النادرة
لم نفترق أبداً
وفي هذا السياق تقول هلا (29 عاماً): كنتُ على الشاطئ، مُمدّدة على منشفتي. للمرّة الأولى لم أكن أختبئ وراء نظاراتي الشمسيّة. كنتُ مُنغمسة في قراءة كتاب عندما رأيتُ روي، زير نساء بامتياز، وهذا ما أكرهه! لكن، لا بدّ لي أن أعترف بأنّني وجدته جذّاباً جداً. وبكلّ ثقة بالنفس، قال لي: “ماذا يعني لكِ أن يكون أمير أحلامك واقفاً أمامك الآن؟ شاب بهيّ الطلعة، ذكيّ، ومُضحك”. دعاني لتناول كأس معه. مذ ذاك الوقت، لم نفترق أبداً حتى أنّنا نُفكّر بالزواج. هذه القصّة أثارت ضحك كلّ أصدقائنا، وعائلتي على نحوٍ أقل
أرقام مُعبّرة
25% من النساء إعترفن بأنهن عشن مغامرات جنسيّة عابرة أثناء العطلة
50% من النساء تقرّ أنّ علاقاتهن الجنسيّة مع الشريك تحصل غالباً في فصل الصيف، ونسبة 22% مارسن علاقات “أكثر وحشيّة” خلال هذه المرحلة من السنة
76% من الفتيات العازبات أعلن أنهن تعرّضن أنفسهن “لتجارب جديدة” في فصل الصيف
أثناء العطلة، المكان الأنسب لإقامة علاقات جنسيّة هو إمّا الشاطىء أو الكثبان أو خليج صغير
تؤكد النساء رغبتهن في الإغراء في فصل الصيف بشكلٍ خاصّ. فترتدي 85% منهن “بيكيني” شديد الإثارة، مُقابل 22% يُفضلن لباس بحر المؤلف من قطعةٍ واحدة
فخورٌ بصيدي
لسوء الحظ، في تقاليدنا الشرقيّة، تقع دائماً في التناقض. فاللبنانيّون يُحاولون دائماً الظهور بمظهر الإنفتاح، كونهم رواداً في عيش ملذّات الحياة والإنفتاح في المنطقة. إلا أنّه وراء مظاهر التفتّح هذه، غالباً ما نصطدم بواقعٍ مختلف تماماً.
يقول جو (31 عاماً): “زرت لبنان لقضاء العطلة، ولأحتفل بعيد مولدي الثلاثين بعد عام من التعب المضني في باريس. جذبتني إليها على الفور. كانت جميلة، نحيلة، مثيرة، ترتدي سروالاً قصيراً وكعباً رفيعاً. وكان الرجال يحومون من حولها. تبادلت معها الحديث ولعِبت معي لعبة الإغراء. كنت فخوراً بصيدي وأتخيلها بين ذراعي. لكن طيلة أسبوعين من المواعدة لم أحصل منها إلاّ على قبلة على خدها، وبدأت أشعر بأنّها تتلاعب بي حتى اليوم الذي رمتني فيه كحذاء قديم لأنّها، كما إدعت، لا أعجبها وليس بيننا أية كيمياء. كان ذلك في إحدى شهور آب/أغسطس الماضية، ساعيةً لتقع على الزوج الغنيّ الملائم بين المغتربين”.
إن كان الأمر مؤسف أو لا، لكن الإغراء الأنثويّ يُشكّل جزءً من الهوس الجنسيّ المحيط. على هذا الصعيد، يبدو المجتمع اللبناني أكثر هوساً ولكن ليس بالضرورة أكثر تحرّراً. فالنساء الشابات يظهرن أكثر وأكثر مفاتن أجسادهن، لكن الإقتراب منهن سيكون محبطاً كثيراً. الفرنسيّون يُصنّفون هذا النوع من النساء باللواتي يسعين للإثارة. وبحسب جو يسهل التعرّف إليهن: “إنهن صيادات محترفات يسعين للزواج…”.
في الواقع، بالنسبة للذين يُشبعون رغباتهم الهرمونيّة تكون العطلة مرادفة للمتعة، إلا أنّها للبعض الآخر هي مرادفة للإحباط. فحذار من الفخ!.