انخفضت رغبتي، هل هذا الشيء طبيعي؟

هل تشعرين أحيانًا بأنكِ لا ترغبين بالجنس كما في السابق؟ هل تخجلين من الاعتراف بذلك؟ الحقيقة هي أن انخفاض الرغبة الجنسية عند النساء أمر طبيعي تمامًا، بل شائع جدًا، لكنه يُساء فهمه في كثير من الأحيان.

الرغبة الجنسية ليست مؤشرًا على الأنوثة أو الحب أو الصحة النفسية وحدها. بل هي منظومة معقدة تتأثر بالعوامل الجسدية والهرمونية والنفسية والعاطفية والسياقية. الخبر الجيد؟ يمكنكِ فهمها، ويمكنكِ أيضًا استعادتها.

---

أولًا، ما هي الرغبة الجنسية فعلًا؟

بعكس الاعتقاد الشائع، الرغبة ليست شعورًا سحريًا يظهر فجأة. أغلب النساء لا يعشن “رغبة عفوية” بل “رغبة استجابية”، أي أن الرغبة تظهر بعد التفاعل مع سياق معين أو نوع من التحفيز الحسي أو العاطفي.

الانتظار السلبي للرغبة كأنها “مزاج” سيأتي لاحقًا، غالبًا لا يؤدي إلى نتيجة. بدلاً من ذلك، تحتاج النساء إلى تحفيز ظروف الرغبة، والتي تشمل الأمان، الراحة النفسية، والبيئة المناسبة.

استمعي إلى حلقة بودكاست: كيف تعمل الرغبة الجنسية عند النساء؟

---

نموذج “التحكم المزدوج”: المسرّعات والمكابح

بحسب الباحثة إميلي ناغوسكي، الرغبة الجنسية تتأثر بنظامين داخل الجسم: “مسرّعات” تثير الرغبة، و”مكابح” تعيقها. عندما تكون المسرّعات أقوى من المكابح، تظهر الرغبة. وعندما تسيطر المكابح، تنطفئ.

المسرّعات قد تكون لمسة، نظرة، رائحة مألوفة، شعور بالأمان، أو حتى خيال جنسي بسيط. أما المكابح فتشمل التوتر، الإرهاق، الألم، الضوضاء، القلق من الأداء، أو القيم السلبية حول الجنس.

---

لماذا تنخفض الرغبة الجنسية؟

التوتر المستمر

عندما نكون مرهقات أو منشغلات عقليًا، ينتج الجسم الكورتيزول، وهو هرمون يثبط التستوستيرون المسؤول عن الدافع الجنسي. التوتر، سواء في العمل أو في العلاقة، من أكثر المكابح الجنسية شيوعًا.

قلة النوم

قلة النوم تؤثر على المزاج، والهرمونات، والقدرة على الاستجابة. النساء اللواتي ينمن أقل من ست ساعات يوميًا أكثر عرضة لتراجع الرغبة والرضا الجنسي.

التغيرات الهرمونية

الرغبة تتأثر مباشرة بمستويات التستوستيرون، والإستروجين، والبروجستيرون. هذه الهرمونات تتغير خلال الدورة الشهرية، الحمل، بعد الولادة، أثناء الرضاعة، ومع وسائل منع الحمل أو إنقطاع الطمث.

ألم أو ملل أثناء العلاقة

إذا كان الجنس مملًا أو مؤلمًا، فمن الطبيعي أن يتراجع الحافز. الألم، حتى لو بسيطًا، يربط الدماغ الجنس بالخطر. والملل الجنسي، خصوصًا في علاقات طويلة الأمد، يقتل الحماس.

ضعف الثقة بالجسد

الانشغال الشكلي بصورة الجسم أثناء العلاقة يقطع التواصل مع الإحساس. الانتباه لما يبدو عليه البطن أو الفخذان يشتت التركيز ويحول الجنس إلى “عرض” بدل تفاعل.

أفكار سلبية أو مشاعر خجل

كثير من النساء نشأن في بيئة تعتبر الجنس شيئًا مخجلًا. هذه الرسائل تتحول إلى مكابح داخلية لاواعية، تمنعنا من التفاعل بحرية حتى بعد الزواج.

مشاكل في العلاقة أو غياب الأمان العاطفي

الجسد لا يفتح أبوابه عندما يشعر بعدم الأمان. غياب التواصل، عدم الشعور بالحب، أو تراكم الخلافات كلها أمور تؤدي إلى تراجع الرغبة.

اضطرابات نفسية وأدوية

الاكتئاب، القلق، واضطرابات المزاج تؤثر مباشرة على الرغبة الجنسية. كذلك، بعض الأدوية مثل مضادات الاكتئاب أو مضادات القلق تضعف الاستجابة العصبية للتحفيز الجنسي.

تجارب جنسية مؤلمة

النساء اللواتي مررن باعتداء جنسي أو تجارب عنيفة، قد يُظهرن انطفاءً جنسيًا طويل الأمد كآلية حماية. وهذا يستحق عناية نفسية دقيقة وآمنة.

استمعي إلى حلقة: كيف تؤثر الصدمة على الرغبة الجنسية؟

---

هل عليّ القلق؟

الرغبة تتقلب بطبيعتها. ما لم يكن التراجع مستمرًا ومؤلمًا، فهو جزء من الحياة. ولكن، إذا لاحظتِ أن الرغبة لا تعود حتى في الفترات الهادئة، أو إذا أثّرت على علاقتك، فقد حان وقت التقييم.

ابدئي بتسجيل ملاحظاتك:

-هل ترتفع الرغبة في أوقات معينة من الشهر؟

-هل تختفي مع التوتر أو التعب؟

-هل ترجع في العطل أو عند وجود خصوصية؟

-متى بدأت المشكلة؟ بعد ولادة؟ بعد تغيير دواء؟ بعد صدمة نفسية؟

-الوعي بالنمط هو الخطوة الأولى لفهم المشكلة.

---

كيف أستعيد رغبتي؟

ابدئي من فهمك لطبيعة رغبتك. إذا كانت استجابية، فلا تنتظري أن “تشعري بشيء”، بل اخلقي الظروف المناسبة لتظهر.

١. اهتمي بالبيئة

أطفئي الضوء الأبيض، استبدليه بإضاءة دافئة. أغلقي الباب. عطّري المكان. افتحي موسيقى تحبينها. دعي الدماغ يترجم الإشارات الحسية إلى مشاعر رغبة.

٢. مارسي التحفيز الذاتي بانتظام

خصّصي ١٥ دقيقة يوميًا للتواصل مع جسدك. ليس لهدف النشوة، بل لإعادة بناء علاقة إيجابية مع المتعة الجسدية.

٣. لا تنتظري الرغبة — حفّزيها

اجلسي مع شريككِ، تحدثا دون توقعات. لا تهدفي للجماع، فقط للمسة، قبلة، حضن، أو حتى جلسة استرخاء معًا.

٤. تواصلي مع مختصة جنسية

العمل مع مختصة في الطب الجنسي أو العلاج الجنسي قد يساعدكِ على تحديد مكابحك الخاصة، وتحفيز المسرّعات.

احجزي جلسة في برنامج “أساسيات الرغبة الجنسية”

٥. مارسي النشاط البدني

الحركة تحفّز هرمونات السعادة وتقلل التوتر. المشي، اليوغا، أو الرقص يمكن أن يرفعوا مزاجك ويعيدوا الاتصال بجسمك.

٦. تحدثي مع شريككِ بصدق

شاركيه بما تحتاجينه لتشعري بالأمان، ما تفضلينه، وما يطفئك. افتحي المساحة للحوار دون لوم أو اتهام.

٧. غيّري الروتين

الملل يطفئ الرغبة. جرّبي وضعًا مختلفًا، مكانًا جديدًا، أو عنصرًا غير متوقعًا. الجديد يجدد الدهشة — والدهشة تحيي الرغبة.

📅 احجزي موعدًا الآن مع د. ساندرين عطاالله للحصول على نصائح مخصصة وتحسين تجربتك الجنسية بطرق آمنة وفعالة.

---

في الختام

الرغبة الجنسية ليست شيئًا تفقدينه إلى الأبد، بل هي نار يمكن إعادة إشعالها إذا منحتِها ما تحتاجه: وقتًا، واهتمامًا، وتفهمًا. لا تجلدي نفسك، ولا تضيّعي الوقت في الشعور بالذنب.

ما تفقدينه اليوم يمكن أن تستعيديه غدًا، بطريقة أعمق وأصدق.

---

للمزيد من المقالات