ماذا يكمن وراء استيهامات الرجال؟

كم مرة ردّدوا أمامنا أنّ حاجات الرجل تفوق حاجات المرأة، وعليه حتماً أن يُرضي رغباته وإلاّ عانى من كبتٍ لا يُحتمل! ما أكثر هذه الأفكار المُكتسبة التي لا تزال سائدة في عالمنا الشرقيّ المتميّز بالفوقيّة الذكوريّة المزعومة. أفكارٌ مُسبقةٌ وخرافاتٌ تناسب في الحقيقة الكثير من الرجال (ومن النساء أيضًا).

بهذه الطريقة تُشرّع إذن الخيانة عند الرجل، ويُقبل غياب الرغبة عند المرأة. ووراء هذه الاعتبارات التي لم تثبت علميّاً قط يختبئ كثيرون! فكيف تؤدّي بنا الحياة الجنسيّة عند الرجل إلى مفاهيمٍ خاطئة في بداية عصرنا هذا الذي يدعو إلى المساواة بين المرأة والرجل؟ وهل إنّ تكاثر استيهاماتهم وحاجاتهم الجنسيّة المُلحّة هي فسيولوجية أم أنّها ردّة فعل على تحرّر المرأة جنسيّاً؟

انقلاب الأدوار

منذ بعض العقود لا أكثر، لم يكن دور الرجل أو حتّى وضع المرأة يُشكّلان موضوع جدل أو نقاش. كان الرجل “الفحل” والقويّ والذكيّ يؤدّي دوره كذكر طاغٍ له كلّ الحقوق على المرأة وبخاصّةٍ على امرأته التي كانت امرأة وديعة وخاضعة ومُطيعة لا تكترث بالمشاريع المستقبليّة لنفسها. وفي بعض الأحيان، يتمّ اختيار زوجها المستقبليّ منذ طفولتها، ولا يبقى لها بعد ذلك سوى أن تؤسّس عائلةً معه. بمعنى آخر، كان عليها أن تربّي أولادهما وأن تقوم في الوقت نفسه بواجباتها المنزليّة. أمّا في أيّامنا هذه، فنحن نشهد انقلاباً تدريجيّاً في أدوار الرجل والمرأة. فيوماً بعد يوم، يشهدُ الرجل انتزاع الامتيازات الاجتماعيّة منه التي كان يعتبر نفسه المستفيد منها مدى الحياة. الانقلاب في هذا الوضع، دفعه إلى إعادة تحديد موقعه على المستوى الاجتماعيّ والعمليّ وعلى مستوى الثنائيّ على حدّ سواء.

الهيمنة الذكوريّة غير المحبّذة أكثر فأكثر، يحلّ مكانها ثورة المرأة العصريّة التي تُطالب بحقّها في متابعة دروسها والعمل وعدم تكريس نفسها فقط لمنزلها وعائلتها. وعلى الصعيد الحميمي، الأمر سيّان، فالمرأة التي تحرّرت من بعض القيود تُحبّذ حياةً جنسيّة تختارها بنفسها. هذا التغيير هو جذريّ بالنسبة إلى الرجل الذي يبحث عن دلالات، ويستكشف طريقه في هذا العالم الجديد حيث المرأة لا تساوم على حقوقها وخياراتها.

أسئلة لا بدّ منها

شيئاً فشيئاً، شهد الخيال الاستيهاميّ الذكوريّ زعزعة قويّة. المرأة التي أصبحت ترفض التقيّد بدورها المحدّد مُسبقاً كربّة منزل، ترغب في أن تفرض تصوّرها للحياة الجنسيّة، وكامرأة ذات أوجه متعدّدة: العشيقة التي تشاطر الرجل الفراش، والزوجة والأمّ، وحتّى المرأة المهنيّة… وبهذه الطريقة، تُغني المرأة حقيبتها وتتنوّع، ولكن أيّ مكان تترك للرجل في حياتها؟

 فكيف تلقّى الاستيهام الذكوري صدمة هذه التغيرات، وبخاصّة على الصعيد الحميمي ؟ وماذا عن الانتشار الواسع للإباحية؟ أهو السبب في استمرار الالتباسات حول الحياة الجنسيّة عند الرجل؟ أهي فكرة مكتسبة أن نفكر أنّ الرجل يتخيّل في استيهاماته اليوم امرأة في وضعية خاضعة له على أمل أن يستعيد بهذه الطريقة مكانته المسيطرة؟ وهل بالرجل بحاجة إلى أن يعوّض عن التقدم الاجتماعي للمرأة بتصوره امرأة خاضعة له في خياله الاستيهامي، وذلك بواسطة الإباحية؟ وإذا أردنا تبسيط الأمور، هل حاجات الرجل تفوق حاجات المرأة؟

لنبحث عن الخطأ 

“أنا من النوع الفحل، يُقرّ بفخر “موني” البالغ من العمر 33 عاماً، وهو يُرينا عضلاته، أترون… أحب مغازلة النساء أكنتُ مرتبطاً أم لا، الأمر سيان، المغازلة هي رياضة وطنية كما يقال! غير أني رجل مخلص. عندما أكون مرتبطاً، كل ما يهمني هو أن أسعد أميرتي وقد وجدتها! كلهنّ أميرات وقد وجدت أميرتي!أحب هذا الشعور بالقوة تجاه المرأة. وأعرف أنّه بإشارة واحدة يمكنني أن أمتلكها. وغالباً ما أستغل ذلك وامرأتي تعشق ذلك! لكن أحياناً أشعر بنقص، بعدم الاكتفاء. لا يمكن لزوجتي أن تُمارس الجنس يقدر ما أمارسه أنا. إنّ جسد المرأة مختلف، ونسبة الهرمونات فيه أقل من نسبتها عند الرجل، والرغبة عندها أقل. فضلاً عن ذلك، نحن الرجال بنا حاجة إلى تفريغ هذا الفائض من الحيوية والطاقة. لذلك أقوم أحياناً بتصفح مواقع على شبكة الإنترنت، وأتحدث قليلاً إلى بعض النساء عبر الإنترنت … فيُثيرني ذلك ويعطني نوعاً من اللذة، من دون أن أتخطى هذا الحد بالتأكيد… ألم أقل لكم أنني مخلص إلى أقصى حدّ؟ أمّا الأفضل بالنسبة إليّ؟ فهو أن تتنكر امرأتي، أن تضع على رأسها شعراً مستعاراً أو تلبس شيئاً لا يشبهها. يجب أن تفصل نفسها عن الصورة التي أملكها عنها. أعرفُ أنها امرأتي وأنا سعيد بذلك. لكنها تلبس شخصيّة جديدة بهذه الطريقة. وهي متنكرة كصهباء ربما تفاجئني في الليل، أو وأنا أقرأ الجريدة أو أثناء الاستحمام. وتأتي من ورائي وتلصق جسدها العاري بظهري. وتكون بكليتها مثيرة أكثر. قد ترقص لي ربّما وتثيرني بممارسة الجنس الفموي، لما لا؟ ولكن للأسف ليست دائماً جاهزة للقيام بحركات كهذه… مما يدفع رجلها إلى أن يلتفت إلى الخارج ببراءة من خلال شاشة الكمبيوتر… وأعتبر ذلك أمراً طبيعياً… يبقى الرجل إلى حدّ ما عبداً للفسيولوجيا الخاصة به…”

يبدو “موني” صادقاً طوال شهادته، كما هي الحال بالنسبة إلى عدد كبير من الرجال الذين وقعوا في الخطأ بسبب خرافات رائجة منذ أقدم الأزمان، وأبرزتها الإباحية حالياً. ولكن ما هو مصدر هذه الأفكار المُكتسبة التي  لطالما نادى بها جنس الرجال؟

التباس ذو طابع بنيوي

إنّ الاختلافات البنيوية بين المرأة والرجل هي أول ما يوقعنا في الخطأ. بالفعل، لا شيء يثبت أنّ الغريزة الجنسيّة الأنثوية هي مختلفة عن التي نجدها عند الرجل من ناحية القوة والقدرة. في حين أنّ المرأة تحضنها في العمق السري لأحشائها، الرجل يظهرها من خلال الانتصاب ثم القذف. لأنّ الدليل على شعوره بالإثارة واللذة هو ظاهر وملموس، يعرف بها هو والآخرون بسهولة ويلاحظونها. أما من ناحية شريكته، فالدلائل غامضة ويصعب ملاحظتها.

تجنّب العار

وينبع الخطأ أيضاً من تاريخ الجنس في تاريخ الحضارات. لطالما اعتبرت الرغبة الجنسيّة عند المرأة شيئاً مريباً. ونجد آثاراً لذلك في النصوص الأولى من العهد القديم. لطالماً شكّلت امرأة عندها رغبة جنسيّة متطورة خطراً لعشيرتها ولعائلتها… إنّ الثمرة الممنوعة لبلوغ رغباتها قد تؤدي إلى ولادة أطفال زنا يلحقون العار بها كامرأة وبعائلتها. لذا، اعتبر أنه من الأفضل نشر فكرة أنّ الشهوة الجنسيّة الأنثوية هي موجهة كليّاً نحو الأمومة وعليها القبول بذلك. والمفارقة هي أنّ أكثر المنحازين لهذه النظرية هنّ النساء بحدّ ذاتهن، اللواتي يعجزن عن التحرر من واجب الإنجاب!

 حالياً، اكتسبت المرأة سيطرة أكبر على حياتها الجنسيّة ولذتها وتاريخها باقٍ حتماً معها، لذلك لا تزال تتخبط بين دورها كأم وكعشيقة.

التباس متعلّق بالهرمونات

إنّ المصدر الثالث للالتباس يعود إلى الهرمونات. منذ سنّ البلوغ ينشط جسد المرأة على إنضاج البويضات بهدف الإنجاب. أما الرجل فيكون دائماً جاهزاً للإنجاب. وفترة الإباضة تؤدي إلى ذروة في الرغبة، لكن إذا اعتبرنا أنّ نمط الشهوة الجنسيّة يتبع النمط الهرموني، فهذا يعني أننا نحدّ الحياة الجنسيّة عند المرأة برغبة غرائزية للإنجاب. وهذا يعني أنّ الحياة الجنسيّة لا تشمل إلاّ النساء اللواتي يستطعن الإنجاب مرة في الشهر! إلاّ أنّ الإنسان، طوال فترة تطوره، تحوّل  من طفل الطبيعة إلى كائن حضاري، ليس فقط في علاقاته الاجتماعية والمهنية، بل أيضاً في حياته الحميمة التي تشكل نقطة اللقاء، والعلاقة بالآخر، ولكن أيضاً تعبيره عن مشاعره تجاه الآخر. لكن، إن كان الاندفاع الغرائزي للتكاثر هو الإطار الذي تخلق فيه الرغبة، إلاّ ليس إلاّ منصة ينطلق منها.

دور الخوف

أمّا الالتباس الرابع فمصدره نفسي: منذ الطفولة، نكتشف ونختبر بطريقة حشرية، ولكن أيضاً بحذر، الغريزة الجنسيّة التي تحمل أحياناً طابعاً عدائياً أيّ تؤدي إلى شعور بالذنب. إذا كان الرجل المُسيطر والمتفوق لا يخاف من هذه الغريزة، فإنّ المرأة يصعب عليها أحياناً القبول بالشرعية نفسها بالنسبة إلى حياتها الجنسيّة. انطلاقا من ذلك، تكون معرضة للخوف من الرغبة الجنسيّة عندها. وبقبولها فكرة أنّ الرغبة الجنسيّة عندها هي أقل من رغبة الرجل، تقبل ظاهرياً أن تخضع لرغبته، التي هي بالنسبة إليه فسيولوجية ولا تكون المرأة مُجبرة على مواجهة الوحشية الخيالية لرغباته.

ضروب الاستيهام عند الرجال 

يقرّ “رياض” البالغ من العمر 38 عاماً: “لدي استيهام أحققه من وقت إلى آخر لكنه يؤثر فيَّ دائماً التأثير ذاته. أطلب من زوجتي ألا ترتدي ثياباً داخلية عندما تذهب إلى العمل. فيثيرني كثيراً أن أعرف أنها تتنقل في الممرات في مكان عملها من دون ملابس داخلية تحت ثوبها… وأرسل لها رسائل مثيرة جداً على الواتس آب في أيام كهذه. وعندما نلتقي في الليل، يكون الأمر بالغ الإثارة! لم يكن إقناعها بذلك سهلاً في البداية، لكن عندما أدركت أنها لعبة صغيرة بيننا من دون أيّ عواقب، أصبحت تتمتع بها…”

أما “راغب” فلديه فكرة أخرى عن الاستيهام: “أحد أقدم الاستيهامات لدي، هو أن تقوم امرأتان بممارسة الجنس الفموي عليّ في الوقت نفسه. يثيرني كثيراً حتى مجرّد التفكير بذلك، أن تركع أمام قضيبي امرأتان وأن أرى لسان الواحدة يتشابك بلسان الأخرى أيضاً. لم أقترح ذلك على أيّ شريكة لي، خوفاً من تلقّي صفعة منها. ولا أدري إن كان هذا الاستيهام وُجد ليتحقق. هو يثيرني منذ سنوات، وسيكون مؤسفاً تحقيقه، قد يثيرني حتماً أقل بعد ذلك”

“ليا” البالغة من العمر 33 عاماً، لها رؤيا مختلفة لاستيهامات شريكها: “يُريد زوجي ممارسة ثلاثية للحب، أيّ معي ومع صديقة مشتركة. الأمر الذي يقلقني كثيرًا. لا أفهم كيف يكون لرجل استيهام كهذا بينما يقول أنه يحبني ولا يرغب إلا فيّ.”

نجد لدى الرجال ستة محاور مختلفة تميّز استيهاماتهم المختلقة. استيهامات إثبات القوة الجنسيّة (هذا النوع نجده كثيراً في الأفلام ذات الطابع الإباحي: مثلاً رجل واحد مع عدّة نساء)، استيهامات ذات طابع عدائي (رفض المرأة)، الاستيهامات التي توحي بالأمان ( صورة الأم)، الاستيهامات المازوشية، الاستيهامات الإستعراضية، الاستيهامات التي تركز على الإثارة الشهوانية بواسطة الفم.

عالم استيهامي بمعزل عن الزوجة 

جميل البالغ من العمر 55 عاماً يخبرنا عن عالمه الحميمي: “أنا متزوج منذ 20 عاماً وأحترم كثيراً زوجتي. لذلك لن أفرض عليها أبداً رغباتي الجنسيّة المفضلة. لكلّ شخص دوره ومهمته في المجتمع… اخترت زوجتي لتأسيس عائلة، اخترت أفضل أمّ لأولادي حنونة وطاهرة وتكرس نفسها لهم… لا أريد قطّ أن ألوثها برغباتي واستيهاماتي… نوع من النساء مخلوق لذلك بشكلٍ خاص… امرأة تحب الجنس وتكون عاهرة بنفسها وفاسدة وفاسقة، لا يمكنها أبداً أن تربّي طفلاً وهي ترضي رغباتي كلياً وربماً مع أكثر من شخص… كلّما زاد جنوننا كلما زاد المرح… بالنسبة إلى الذين يعتبرون أنّني أخون زوجتي، ليس الأمر كذلك أبداً. بالعكس أنا أحافظ على طهرها. لا يمكنها أبداً أن تتخيل الأشياء التي يمكن لرجل وامرأة أو أكثر أن يقوموا بها. أنوي إبقاء الأمور على هذه الحال. وذلك أفضل للجميع.”

ربيع المتزوج منذ أكثر من 15 عاماً وأب لثلاثة أولاد يخبرنا بالتالي: “أتصفح شبكة الإنترنت منذ أكثر من عشر سنوات، وسرعان ما اكتشفت أنّ هذه الوسيلة هي قوية جداً لإشباع النزوات. بكبستين أو ثلاثة ننتقل إلى عالم حيث يكون عملياً كلّ شيء مسموحاً به: أفلام إباحية بوفرة، ممارسات مختلفة، أقسام للنساء الشقر والسمر والصهباء والآسيويات والسود، ونساء ناضجات، وجنس جماعي وكلّ الأنواع … وكل من يحلم بأن يهدي نفسه نزهة صغيرة خارج إطار الزواج، تكون الإغراءات بمتناوله بكبسة صغيرة… مما يعطيني الفرصة بأن أخفف قليلاً من الضغط النفسي الذي نعيشه في زمن الأزمات هذا.”

أثر الثورة النسائية

منذ حدوث الثورة النسائية، يرغب الرجل أكثر فأكثر في أن يثبت أنه لا يزال قادراً على أن يكون هو الأقوى. ويشهد على ذلك، زيادة استيهاماته، تطوّرها والرغبة الزائدة في تحقيقها. لذلك برزت بوضوح أنواع جديدة من الميول الجنسية. وانتشار الاستيهامات، اليوم،  في الوسائل الإعلامية والاهتمام الذي تثيره، مسألة حديثة جداً. فمُمارسات مثال السادية والمازوشية والتوله الجنسي والتقييد  والغانغ بانغ،  لم يكن يكتب عنها من قبل في المجلات الخاصة بالرجال والواسعة الانتشار كما هو الحال اليوم، وبالنسبة إلى بعضهم لم تكن موضوع نقاش في الإطار الحميمي. ونشهد ظهور اتجاه جديد يتميّز برغبة في المُمارسات القاسية حيث لا مكان للاحترام ومشاعر الحب. لكنّ استيهامات أخرى كانت ولا تزال موجودة بكثرة حالياً في الخيال الذكوري ورغباته: فالانجذاب الذي يشعر به الرجل نحو الممارسات بواسطة الفم ليس جديداً، ولكن بعد التخفيف من أهميّة الجنس الفموي أصبحت مُمارسته مع أكثر من امرأة أو في أماكن عامة هي التي تُثير حواس الرجال.

فضلاً عن ذلك، من خلال “إمساك المرأة بزمام الأمور”، تغير، ولا شك، شيء في الاستيهامات عند الرجل. في زمن المرأة الخاضعة، كان الرجل يحلم أكثر بامرأة قوية وخبيرة في الجنس. وبشكلٍ غير إرادي، مع تحررها، اقتربت المرأة من هذه الصورة للمرأة القوية.

وجاءت نتيجة هذا التغيير انقلاب في الوضع، يريد فيه الرجل استعادة تلك المرأة الوديعة والخاضعة في استيهاماته.

واتّبعت الأفلام الاباحية هذا التطور، لتظهر ما يطلبه أكثر الرجال، ألا وهو استعادة مكانته كرجل قوي على الأقل في عالم خيالي من الأفلام المصنفة X.

هذه العودة بقوة للإباحية، هي مفهومة إلى حدّ ما، لأنها تلّبي طلبًا قوياً من قبل الرجال. إباحية تكون في بعض الأحيان عنيفة جداً وكأنّ الرجل يبحث عن وسيلة للانتقام من المرأة التي لا يجرؤ دائماً إثبات نفسه والدفاع عن نفسه بوجهها. وبهذه الطريقة يشعر الرجل بالأمان باستهلاكه للأفلام الإباحية…

وإذا كان تحرر المرأة هو الذي شجع الرجال على الاستهلاك للإباحية كوسيلة تعويض عن نقصٍ ما، فمن الخطأ القول أنّه العامل الوحيد لذلك. الرغبة في الهروب من الواقع والبحث عن وسيلة للاسترخاء وتحرير النفس، والحاجة الدائمة إلى تخطي الحدود، هي عوامل أخرى لا بدّ من أن نأخذها بعين الاعتبار.

ويجب ألاّ ننسى أنّ المواضيع الممنوعة، أصبحت أقلّ بكثير من قبل، ممّا يجعل الإفصاح عن الاستيهامات أسهل ويقدم مجموعة أكبر من الاستيهامات التي يمكن احتمالها واقبولها بنظر المجتمع.

رجال يعانون من القدرة على التأقلم

“غدي” البالغ من العمر 45 عاماً يخبرنا مرتاباً بمغامرته السيئة: “كنتُ مثل جميل في البداية، كان لدي عدّة عشيقات متحررات وليست بنات هوى على الإطلاق، لكنهن نساء تبحث عن بعض التغيير في حياتهن… كنتُ أمارس الحب مع زوجتي مرّة كلّ أسبوعين، بطريقة صحيّة إلى حدّ ما ودائماً في الوضعية نفسها… كنت واثقاً أنّها لا تشك بشيء. حتى اليوم الذي اعترفت لي أن موظفاً جديداً لديها، شاباً يبلغ من العمر 27 عاماً، يعجبها كثيراً، وكان لديها أحياناً استيهامات عنه. في البدء، أبهجتني فكرة أن تعيش زوجتي مغامرة. وفكرت أنّ ذلك سيجعلها مثيرة أكثر بنظري. ودفعتها إلى مغازلة هذا الشاب وأن تحدّد موعداً معه، بشرط واحد وهو ألا تمضي الليل معه. وقامت بهذه اللعبة ببراءة حتى مارست الجنس معه بالفعل. وكان ذلك اختباراً سيئاً بالنسبة إلي وعذاباً حقيقياً وتجنبّت إظهار غيرتي وعذابي لها. وكان ذلك مؤلماً حقاً… اختباراً صعباً دمّر منزلنا…”

“بكري” البالغ من العمر 53 عاماً يصف لنا المغامرة السيئة التي عاشها: “كان ذلك أقدم استيهام لديّ، ثلاثية مع امرأتين! وعندما حدث ذلك، بالصدفة، خفت كثيراً من أن أعجز عن التنفيذ… وعجزت كلياً! كنتُ متحمساً جداً، وفي الوقت نفسه لم أكن أعرف كيف أتصرّف. كانت الواحدة تعطي لذة للأخرى، وكنت أشعرُ إلى حدّ ما أنّني أزعجهما. بالنسبة إلى الإيلاج كنتُ أشعرُ أنني فاشل أيضاً، وأنا أعلم أنّ المرأة الثانية تنتظر دورها، وأنها لن تحصل على دورها على الأرجح!”

الثابت: تعلّقه بالسلطة

إنّ وضع الرجل الحديث خضع لتغييرات بعد تحرر المرأة وبروز متطلباتها الجديدة المتعلّقة بحياتها الجنسيّة. واضطر الرجل إلى تغيير تصرفه الجنسي كلياً وبالعمق حيث إنّه فقد دلالاته بفعل هذا التطور وخسارته للسلطة الرجولية. وفي إطار هذا التغيّر، إ أدّى تعميم الرسائل الإباحية، التي تنشرها وسائل الإعلام، دوره أيضاً. ويبحث الرجل عن تعويض ليواجه التقدّم النسائي. وشكّلت الإباحية وسيلة بالنسبة إليه لأنّها تلبي حاجاته من خلال تقديمها الصورة التقليدية للرجل في موقع السلطة الذي يملك رغبات لا يمكن إشباعها ويُخضع المرأة لإرادته. ووجد الرجل في الإباحية نوعاً من الأمان والراحة تظهر له أنه بالرغم من كلّ شيء، يمكنه أن يبقي سلطته على المرأة في هذا الإطار. ولكن الرجل لا يزال يشعرّ حتى الآن بانغلاق بالنسبة إلى الحياة الجنسيّة. ويسهل عليه دائماً استعمال الجنس كموضوع دعابة من نوع نكات أبو العبد وغيره. لكن لا يزال صعباً بالنسبة إليه التحدّث عن حياته الجنسيّة والكشف عن الأشياء الحميمة الخاصة به. ويدّعي أنّ الرغبة الجنسيّة لديه شديدة، وتفوق الرغبة الجنسيّة عند المرأة ولكنّه لا يجرؤ على مشاطرتها مشاكله. ولا نجد بكثرة بعد رجلاً يتحدث عن حياته الجنسيّة بصراحة ومن دون أيّ ممنوعات، بعكس الصورة التي نريد أن نعطيها للرجل الحديث. وبالرغم من ذلك، إنّ العالم الاستيهامي عند الرجال لم يتغير جذرياً. بغض النظر عن كيفية تصرفه في ما يتعلّق بسلطته كرجل، إنّ القواعد الأساسية للاستيهام عند الرجال لم تتزعزع. وإنّ الجزء الأساسي من هذه التغيّرات يرتكز على امتلاك السلطة وإبراز القوة الذكورية: وبالفعل، لأنّ بالرجل حاجة إلى أن يظهر أنه فحل وقادر على الإمساك بزمام الأمور، تقدّم له الأفلام الإباحية على طبق صورة القوة الذكورية وخضوع المرأة. لكن لا يشكّل ذلك حلاً عجائبياً، لأنّ مشكلة جديدة تنبت من هنا، ألا وهو التماثل مع الممثلين في الأفلام الشهوانية وقد يؤدي ذلك إلى ولادة عقد لدى الرجل واستخفاف بنفسه. فلنبق واقعيين…

(1) التقييد (Bondage) هو مُمارسة شهوانية تقوم على إرغام الشريك أو الشريكة من خلال تثبيته أو تثبيتها بواسطة حبال وكمامات. هذه المُمارسة تعتبر خطأ أنها من أنواع المُمارسات السادية والماسوشية.

(2) الغانغ بانغ (Gang Bang) هي مُمارسة جنسيّة يقوم فيها شخص مستسلم بعلاقات جنسيّة مع عدّة شركاء. هذا نوع من الجنس الجماعي. الغانغ بانغ قد يعني أيضأً “دورة” (Tournante) وهو تعبير تلميحي يستعمل للإشارة إلى اغتصاب جماعي.