منذ طفلي الثاني، أشعر بأن شيئاً ما قد تغيّر في جسدي

إن الإفرازات الطبيعيّة للمهبل، والتي تؤمّن له نسيجاً ناعماً ومطاطيّاً، تنظمها عوامل هرمونية، وراثية، طبية ونفسية. هذا التوازن الطبيعيّ للترطيب يمكن أن يختل بسهولة خلال حياة المرأة.

دانا 32 عاماً، تعبّر عن هذا الواقع: منذ طفلي الثاني، أشعر بأن شيئاً ما قد تغيّر في جسدي، وأنّه لم يعد يتجاوب للإثارات الجنسيّة كما في السابق. فحملي الثاني كان صعباً، مما دفع بطبيبي امنعي من أيّ ولوج جنسيّ مبكر، كما أنني أرضعت ابني لمدّة ثلاثة أشهر. خلال هذه الأسابيع الأولى، لم تكن عندي الرغبة في ممارسة الجنس مع زوجي. فالخوف من الأالم الناتج عن جرح الفرج كان يعيقني. كما لاحظت أنّني لم أعد أفرز مادة لزجة كما كنت أفعل من قبل. لكن طبيبي النسائي طمأنني موضحاً أنّ ذلك طبيعي ااثناء فترة الإرضاع. ولكن مضت ستة أشهر على فطام طفلي والجفاف مستمر. عدت الى ممارسة نشاطي مستعملة حبوب منع الحمل. لم أرد وضع لولب لأننا كنّا نرغب، زوجي وأنا، في انجاب ولد ثالث. زوجي يتهمني بأنّني لم أعد أحبّه، ظناً منه أنه لم يعد يثيرني ولكن هذا غير صحيح

 أنا ما زلت أحبه، وأرغب في التقرب منه جسدياً، لكن جسدي لا يتبع رغباتي. فجأة، وبفعل الإحتكاك، أشعر بالألم و أتشنّج. ممّا يجعل علاقاتنا غير ملذة لي و لزوجي. و لذلك، أنا أرفض أكثر فأكثر أيّة علاقة حميمة. نصحت بإستعمال مواد مرطبة، لكن ذلك يشعرني بأنني غير طبيعية. فممارسة الجنس عندما نكون متحابين يجب أن تكون متناغمة و طبيعية من دون اللجوء الى مواد اصطناعية خارجية. ألن يكون فعلاً منحرفاً استعمال مواد مرطبة؟ هل سأستعيد أحاسيسي القديمة؟ هل بإمكان الولادة أن تجرح الجوانب الداخليّة للمهبل؟ ما هي حقيقة هذه الإفرازات؟”

د. ساندرين عطاالله تجيب:

عزيزتي دانا، إن الإفرازات المهبليّة هي عبارة عن سيلان شفّاف غزير أحياناً يغطّي الجوانب الداخليّة للمهبل و الشق البظري. هذا التعرّق، علامة للإثارة الأنثويّة، ضروري للسماح بالولوج وتسهيل حركة القضيب. إنه في الوقت نفسه حماية و منشّط للّذة. إلا أنّه إذا لم تترطب الجوانب الداخليّة للمهبل بما فيه الكفاية، فذلك يؤدي إلى ما يعرف بالجفاف المهبلي عند المرأة. هذا الجفاف يمكن أن يكون مصدراً للألم خلال الولوج كما اختبرت ذلك شخصياً، أو حتى لإستحالة القيام بالادخال. قد تسجّل في بعض الحالات حروق و حكاك، مسببة جروحاً طفيفة على الجوانب الداخليّة للمهبل، نتيجة للإحتكاك بالغشاء المخاطي الجاف. هذه التجربة المؤلمةفي العلاقات الجنسيّة ستنعكس مع الوقت على صحتك النفسيّة، و ستعكّر أيضاً صفو ديناميّة حياتكما الزوجية.هذه النتائج النفسية تنطلق من الخوف من العلاقات الجنسية مع فقدان اللّذة الجنسيّة التي تؤدي حتماً الى رفض لأيّ تواصل حميمي.

عوامل عدّة تتداخل و تسبب خللاً في الإفرازات المهبلية الطبيعية

يمكن لعوامل عدّة أن تتداخل و تسبب خللاً في الإفرازات المهبلية الطبيعية. والعوامل الهرمونية غالباً ما تكون هي السبب، خاصة في حالة نقص هرمون الأستروجين الذي يظهر عند انقطاع الطمث.

و يسجل وجود متغيّرات أخرى تلعب دوراً في التوازن الهرموني، كما هو الحال في خلال فترة الرضاعة و الحمل (خاصة في الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل لأنّ منطقة الحوض تمتلئ لاحقاً بالدم مما يعيد الترطيب المناسب)

وأخيراً، من بين الإضطرابات الهرمونية، ينبغي أن نذكر إضطرابات المبيض.

ولكونك لست في عمر انقطاع الطمث و قد رزقت بطفلين، يمكننا أن نحذف اذاً اضطرابات المبيض ونقص هرمون الإستروجين.

يمكن لمشكلتك أن تكون فد بدأت في الأشهر الثلاثة الأولى من حملك وأصبحت مزمنة بسبب غياب العلاقات الجنسيّة. ففترة الرضاعة ساهمت من دون شك في استمرار هذه الأعراض.

عقاقير ذات آثار جانبيّة تضرّ بالحياة الجنسيّة

ومع ذلك علينا ألا ننسى أن المشكلات الجنسيّة تعود دائماً في جذورها إلى عوامل مترابطة، و في حالتك يمكن أن يكون تناول حبوب منع الحمل قد زاد كشكلة الجفاف المهبلي تعقيداً.

في الواقع، نجد عقاقير عدّة ذات آثار جانبيّة تضرّ بالحياة الجنسيّة كحبوب منع الحمل، الحبوب المضادة للحساسيّة، الحبوب التي تسبّب بانقباض الشرايين، بعض الحبوب المضادة للإكتئاب، بعض علاجات حبّ الشباب؛ و نجد أيضاً آثاراً جانبيّة لبعض العلاجات، وللعلاجات المضادة لهرمونات سرطان الثدي.

وبالإضافة الى ذلك، إن حبوب منع الحمل، بإخلالها بتكوين المهبل وطبيعته، يمكن أن تسبّب أمراضاً فطريّة بشكل متكرّر. ان الإلتهابات المهبليّة بالإضافة الى الجفاف المهبلي، تترافق بحكاك وإفرازات بيضاء اللون وبكثافة غير طبيعية.

نمط حياة غير صحي

الى ذلك يضاف نمط حياة غير صحي:

النظافة المفرطة،

التبغ الذي بفعل النيكوتين يتسبّب بإنقباض الشرايين،

الكحول،

التوتر و التعب،

كلّها عوامل تسبّب  جفافاً مهبلياً مزمناً.

عوامل نفسية

أخيراً، عوامل نفسية غالباً ما تكون مرتبطة بالسلوك الجنسي بين الزوجين، على سبيل المثال السرعة أو غياب المداعبات التمهيدية، ندرة العلاقات الجنسية، غياب الرغبة، الخوف من العلاقات الجنسيّة، سوء تفاهم…كلّها عوامل تساهم في تطور هذه العوارض الجنسيّة.

الحياة الجنسية تستمرّ

يجب أن نذكّر أنّ الحديث عن الجفاف المهبلي هو طريقة للإعتراف بأن الرغبة لم تمت والحياة الجنسيّة تستمرّ، وأنّ الشعور باللّذة ممكن بفضل المساعدة المناسبة. لا تلغي من الحسبان حياتك الجنسية، فالحلول موجودة.

ما العمل للوقاية أو لمعالجة الجفاف المهبلي؟

استعادة نشاط جنسيّ منتظم لغاية:

تحسين تدفق الدم الى الأعضاء التناسليّة

و بالتالي الحدّ من جفاف المهبل

اطالة المداعبات التمهيديّة قبل العلاقات الجنسية

المثابرة على القيام بتمارين كيغل

تقضي تمارين كيغل على شدّ و استرخاء مجموعة العضلات التي تدعم أجهزة الحوض و الشرج. فتعاقب الإنقباض و الاسترخاء يقوّي قاع الحوض و يساعد على تحسين الوظيفة الجنسيّة في حين يقلّل إمكانيّة سلس البول أو تسرب غير إيرادي للبول من المثانة

-استعمال من دون تردّد المواد المرطبة التي تباع في كلّ الصيدليات وعدم اللجوء الى الفزلين أو المواد المصنوعة من الزيوت

الحدّ قدر المستطاع من التوتّر في الحياة اليومية

-استعادة نمط حياة صحّي من خلال تخفيف وإيقاف التبغ والكحول

الغسل الحميمي بصابون ناعم على البشرة يحافظ على توازنها، مرة أو مرتين على الأكثر في اليوم من دون غسل أو دووش مهبلي

استشارة اختصاصيّاً من أجل تغيير حبوب منع الحمل و التخلّص من أيّة التهابات مهبليّة